سر يوجين شوارتز الأهم لتصبح الرقم 1 في مجالك حتى لو لم تكن الأفضل
من يتابعني مؤخراً بلا شك أدرك أنني أصبحت من طلاب يوجين شوارتز المخلصين. يوجين -إن كنت لم تتعرف عليه بعد- هو واحد من أعظم الكتاب التسويقيين وأسطورة في هذا المجال. اختصاصه يسمى Direct Mail Copywriting. أي أنه كان يكتب نصوصاً إعلانية ترسل بالبريد. هذه المهنة صعبة لأنه لا يوجد معه من يساعده، إذ لا يوجد محل في شارعك لتتذكر المنتج كلما مررت بجانبه, ولا توجد صالة عرض حيث يمكنك معاينة البضاعة قبل الشراء, ولا توجد خدمة عملاء أو موظف يجيب عن أسئلتك. كل ما كان بحوزة يوجين هو رسالة البريد التي يكتبها بعناية تامة فإن رميتها في سلة المهملات أنت فستنسى الموضوع ولن تتم البيعة وسيذهب كل جهده هباء ولن تستفيد الشركة التي وظفته شيئاً.
ومع ذلك ورغم كل تلك التحديات التي قد تبدو مستحيلة فإن يوجين قد باع ملايين المنتجات عن طريق البريد وأثبت أن الكتابة الإعلانية مهمة جداً ولها أثر مهول في المبيعات خاصة وأنه حول بعض المنتجات التي لم يرغب أحد في شرائها إلى نجاحات ساحقة. لقد كان أسطورة فعلاً في هذا المجال!
فائدة جانبية: الكتابة مهمة جداً في التسويق لذلك تأكد أن مشروعك يستغلها لأقصى حد. صحيح أن 79٪ من متصفحي الإنترنت لا يقرؤن كل شيء. لكن 16٪ منهم يقرؤون كل كلمة وهم جمهورك المستهدف.
الطريف في الأمر (والمحزن في نفس الوقت) أنني حصلت على نسخة من كتابه منذ سنة ونصف لكنني لم أدرك قيمة الكتاب الحقيقية إلا متأخراً. القصة أنني أُنزِّل الكثير من الكتب بشكل متواصل. والذي حصل أن غلاف كتابه قبيح لذلك لم يلفت نظري بل على العكس فسر عقلي الأمر على أنه كتاب غير مهم. والموضوع الآخر أنني أقرأ مقدمة كل كتاب أحصل عليه لأرى إن كان الكتاب سيحمسني أم لا. ومقدمة هذا الكتاب كانت تتحدث عن كيف جلب الملايين لقرائه وكما تعلم فهذه العبارة الفارغة لم تعد تقنع أياً منا، صحيح؟ هناك الآلاف من الكتب التي تدعي هذا!
المهم… بعد سنة من وضعه على الرف أنهيت جميع كتبي وصرت أبحث عن قراءتي التالية. وذات يوم كنت خارج البيت ولم يكن معي إنترنت لذلك تورطت فلم يكن معي غيره على رف كتبي الإلكتروني مما اضطرني للبدء بقراءته وليتني لم أفعل! فمنذ تلك اللحظة وأنا أعض أصابعي ندماً على تقصيري بحق نفسي وحق زبائني أنني لم أقرأه قبلاً. إن هذا الرجل أسطورة بكل معنى الكلمة وقراءة كتابه متعة لا توصف. ليس للكتاب التسويقيين فقط بل لأصحاب المشاريع أيضاً، وذلك لأنه في الحقيقة لا يتحدث عن الكتابة وحسب، بل هو يشرح كيف تفتح سوقاً جديداً لمنتجك أو الخدمة التي تبيعها وكيف توصل الرسالة الصحيحة لتخترق السوق وتدمر المنافسة بشكل كامل.
إن المعرفة هي إدمان كباسط كفيه إلى الماء، كلما ازددت منها كلما عطشت إلى المزيد وأحسست أنك لم ترتو بعد. وهذا ما حصل معي. كتاب واحد لم يكفيني ولذلك صرت أبحث عن كل ما تركه يوجين وجمعت مجموعة من التسجيلات الصوتية التي استمعت إليها 10 مرات على الأقل، ولا زلت إلى هذه اللحظة أعيد سماعها من البداية دون ملل. كيف أجد الوقت لذلك؟ بسيطة! أنا أقضي ساعة على الأقل في الطرقات ولذلك أستغل وقت القيادة بسماع المؤتمرات والدروس المفيدة ومحاضرات تيد حيث أضع الهاتف على لوحة العدادات وأربطه بسماعات السيارة وأستمتع بوقتي بدلاً من حرق أعصابي في زحمة الطريق. على كل لنعد إلى موضوعنا.
وهنا نصل لهذا السر الأهم
ففي واحدة من هذه التسجيلات الصوتية أخبرنا يوجين عن السر الأهم الذي جعله الكاتب ذي النتائج الأفضل بين أقرانه. هذا السر الذي لا ينطبق على مجاله فقط بل ينطبق على كل شي نفعله في حياتنا. لو أردت انت أيضاً أن تنجح فعليك بمعرفة هذا السر واتباعه إذ ليس الأفضل هو من يفوز دائماً بالضرورة.
يوجين بنفسه اعترف أنه ليس أفضل كاتب تسويقي في العالم فهناك آخرون كثيرون أقدر إقناعاً وأجمل أسلوباً وأسرع عملاً. لكنه اكتشف شيئاً مكنه من منافسة الجميع وتحقيق نتائج أفضل من الجميع وجعل نسب مبيعات رسائله تحطم الأرقام القياسية.
السر هو أن تعرف في مجالك أكثر من أي شخص آخر
أو كما يصفه هو: “التجهيز”. حيث يقول في تسجيله ويشدد:
You’ve got to prepare. Prepare prepare prepare
يجب ان تجهز نفسك، حضر حضر حضر. إن الإلمام في مجالك هو ما يصنع الفرق بين الشغف الحقيقي الذي يفتح أمامك مجال الترقية والصعود والنتائج وبالتالي الأرباح وبين ذلك الشخص الكسول الذي يعمل دون نفس فقط ليقبض راتباً آخر الشهر.
كما يتابع يوجين: “إن كاتباً حاذقاً ومحترفاً لكن مستعجلاً ويعمل “أي كلام” سيخسر كل مرة أمام كاتب متواضع لكن أخذ وقته بالتحضير وعمل بكل تأن حتى لا يفوته أي تفصيل. لأنك عندما تحضر نفسك جيداً سيكون عندك سلاح مهم جداً وهو المعرفة المتكاملة التي ستساعدك على التغلب على أي مفاجأة وترك انطباع مؤثر أمام زبائنك”.
دار النشر التي كان يوجين يعمل معها تدعى روديل. هذه الدار كانت تستأجر كاتبين إعلانيين لكل كتاب تنشره وتطلب منهما كتابة إعلانين اثنين ومن ثم تقارن الأرباح من كل إعلان لتعرف الكاتب الأفضل. كلا الكاتبين كان يستلم نسخة من نص الكتاب ليكتب إعلانه.
إذن الآن يمكنك أن تقدر حجم الضغط الملقى على عاتق يوجين حيث هو في منافسة مباشرة مع أشرس وأمهر كتاب أمريكا الذين يفوقونه براعة، فماذا كنت لتفعل لو كنت مكانه؟ يحكي يوجين قصته: “للمنافسة أمام هؤلاء الكتاب البارعين جداً جداً جداً أخذت كتاب نسخة من كتاب روديل المكون من 700 صفحة وقرأته 4 مرات دارساً إياه بعمق. لقد وضعت خطوطاً تحت كلمات الكتاب إلى درجة أنني استخرجت من 40 إلى 50 صفحة من الملاحظات. وعندما انتهيت كنت أعرف عن الكتاب أكثر من المحرر الذي أنتجه! وذلك لأنه في كثير من المرات كانوا يعودون إلي ويقولون: “هذا الشيء هنا غير صحيح، هذه مبالغة”. فأقول لهم: “لقد جمعت شيئاً من الصفحة 116 مع شيء من الصفحة 531”. فيعود المحرر ويقول: “همممم نعم! هذا صحيح!”. هذه الملاحظات ساعدتني لأكتب إعلاناً حطم الأرقام القياسية. ليس ذلك فقط، بل صرت عندما أنظر للإعلانات التي كتبها منافسيّ أعرف بالضبط نقاط الضعف فيها من مجرد النظر”.
حدد مجالك بدقة وابدأ تجهيز نفسك منذ الآن
يوجين شوارتز بلغت نسبة نجاح قطعه 85٪، وذلك لأنه كان يعمل ويعمل ويعمل. لم يترك شيئاً ولا خطوة غير مكتملة. كان يلم بكل شيئ ويعرفه أكثر من المؤلف نفسه. وأنت أيضاً يجب أن تفعل ذلك. اجعل هدفك أن تعرف كل شيء ممكن في المجال الذي تعمل به، جهز نفسك أفضل من أي شخص آخر، خذ وقتك واستثمره نحو هذا الهدف. وعندها أنت أيضاً ستصبح أسطورة وستصبح مرجعاً في مجالك وكلما فكر أحد في هذا الاختصاص ستكون أنت الاسم الأول الذي يخطر على باله.
في مقالة لاحقة إن شاء الله سأتحدث عن أهمية التخصص. فبعض المجالات واسعة جداً ولا بد من أن تتخصص إن كنت تنوي المنافسة. لنفرض مثلاً أنك مصمم مواقع وتريد أن تصبح المرجع في مجالك، وفي نفس الوقت لديك اهتمام بالسيارات. إذن يمكنك أن تتخصص في مجال مواقع السيارات تحديداً وتعرف كل ما يحتاجه موقع من هذا النوع ومتطلباته البرمجية والمهمات التي يدخل الزبائن إلى الموقع لينفذوها… إلخ.