لماذا عندما بدأت قيادة السيارة لأول مرة كان الموضوع مستنزفاً جداً ويوترك صوت العصافير حولك والآن صرت تأكل وتغني وتحل واجباتك وأنت تقود؟
هذه النقطة يوضحها الفصل الأول من هذا الكتاب المسلي الذي أهدانيه أخي عباد ديرانية في العيد الماضي، نعم أمر مخجل أنني لازلت أقرأ هذا الكتاب منذ سنة لكنه طويل جداً (٥٠٠ صفحة) كما أنني اضطررت لقراءة كتب أخرى بسبب مشاريع متنوعة كنت أعمل عليها… على كل هذا ليس موضوعنا لذا لنعد الى الكتاب.
يتحدث “Thinking fast and slow” عن نظامين أساسيين في دماغنا أحدهما سريع وهو العقل اللاواعي وآخر بطيء وهو العقل الواعي، فإذا جاءك مديرك في العمل مكشراً مسرع الخطوات ويحمل بيده التقرير الذي عملت أنت عليه أمس فأنت لا شعوريا ستدرك أنك ارتكبت خطأ ما. هنا عقلك اللاواعي يفسر الأمور بلمح البصر، بينما إذا طلبت منك أن تضرب الرقمين ٢٦ * ١٧ فأنت هنا مضطر للتوقف تماماً وتركيز تفكيرك التام لتجد جواب السؤال.
حسناً هذه معلومة بديهية أليس كذلك؟ هي بالفعل كذلك، لكننا سنصل إلى النقطة التالية والمهمة: أنت بالممارسة يمكنك نقل الأمور التي تحتاج منك تركيزاً كبيراً إلى أمور يحركها طيارك الآلي الذي يدعى عقلك اللاواعي. خذ مثلاً قيادة السيارة، فأنت لآن صرت لا شعورياً تحركها وتراقب الطريق وتمشي في المنعطفات دون أن تضطر للتفكير أصلاً في الخطوة التي تريد عملها.. صحيح؟ إذن أنت يمكنك تدريب عقلك!
إذن أنت في عملك ولتصبح الأفضل يجب أن تدخل ما تفعله في عقلك اللاواعي.. مرة أخرى قد تبدو المعلومة بديهية لكن من المفيد أن تنتبه لها وأن تجعلها أحد أهدافك لأن هذا الأمر جداً مهم. مثلاً أنا كاتب تسويقي وأريد أن أصبح متميزاً، إذن علي أن أبحث عن أفضل الإعلانات التي كُتبت في العالم وأن أنسخها بخط يدي واحدة واحدة مراراً وتكراراً وهكذا ستمشي في دمي وستدخل عقلي اللاواعي وسيصبح بإمكاني كتابة أفضل إعلان وأنا مغمض العينين.
وأنت أيضاً الآن.. ماهو تخصصك؟ ابحث عن الشيء الذي عليك أن تفعله ومارسه بشكل مكثف ومستمر حتى يدخل في نظامك الدماغي السريع وتصبح الأفضل، هذا ما يحتاجه النجاح… عمل جاد ومكثف والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً